تتوالى الاستدعاءات الأمنية في الآونة الأخيرة في حالات مرتبطة بحرّية التعبير، وهو ما يُذكّر بمراحل حكم سابقة اعتقدنا أنها ولّت، ويدفعنا إلى دق ناقوس الخطر.
فالاستدعاءات على خلفية انتقاد شخصيّات عامّة وتحرّك النيابات العامّة من دون وجود شكاوى، وإحالة ناشطين وإعلاميين أمام الضابطة العدلية وحجز حرّيتهم والطلب إليهم توقيع تعهّدات غير قانونية تستبق المحاكمات وتلزمهم بمحو منشور أو نشر اعتذار، تضعنا أمام خطر الانزلاق نحو نظام أمني يُهدّد جميع اللبنانيين من دون استثناء.
فإذا كان “العهد الجديد”، رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة، مصمّمًا على بناء دولة المؤسّسات كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، فإنّ الخطر الأكبر على هذا المشروع يتمثّل في استنساخ تجارب حكم قمعية سابقة رزح تحتها اللبنانيون ورفضوها في الشارع وعبر الإعلام.
وإذ يخشى اتحاد الصحافيين والصحافيات من أن تكون الاستدعاءات الأخيرة مؤشّرًا على مناخ سيسود المرحلة المقبلة في البلاد على قاعدة وضع شروط على حرّية التعبير والحرّية الإعلامية حسبما أوحى به بيان رئاسة الجمهورية، يُعيد التذكير بأنّ لا سقف لحرّية التعبير سوى الدستور اللبناني والمعاهدات الدولية ويُنبّه إلى أن لا قيمة للبنان بدون هذا السقف المرتفع للحريات.
ويشدّد الاتحاد على أنّ الإسراف في استغلال النفوذ والمواقع السلطوية لإسكات أي شخص يُزعج مسؤولًا سياسيًا مهما علا شأنه، هو منزلق خطير قد ينتج عنه فرض قيود جديدة على حرّية التعبير لن تقف عند حدود ردع شتّام من هنا أو منتقد من هناك كما يعتقد البعض، بل سيجرف معه لاحقًا ناشطين وإعلاميين لمجرّد نقدهم السلطة الحالية أو قيامهم بعملهم المهني، مما يقوّض أسس الحرّية التي يكفلها لنا الدستور.
وإذ يعيد الاتحاد التأكيد على أنّ الحريّة لا تتجزأ وصونها والدفاع عنها ليسا استنسابيّين، يشدّد على أنّ أولويّتنا اليوم أكثر من أي وقت مضى ستكون العمل على تكريس مناخ يكفل الحرّيات والمثابرة على المطالبة بإلغاء العقوبات الجزائية على القدح والذم والتشهير. ويدعو الاتحاد كافّة الفاعلين في المجال الإعلامي والغيارى على حرّية التعبير إلى توحيد جهودهم من أجل المساهمة في تعزيز هذا المناخ وقطع الطريق على محاولات تعكيره.